بحزمة من الإصلاحات.. الإمارات تستعرض تقريرها الدوري أمام "مجلس حقوق الإنسان"
في إطار انعقاد الدورة الـ54 بجنيف
بحزمة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، استعرضت دولة الإمارات العربية المتحدة تقريرها الدوري الشامل أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان.
جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 11 سبتمبر إلى 6 أكتوبر 2023 للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.
واختار المجلس الأممي المجموعة الثلاثية لتيسير الاستعراض المتعلق بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي ضمت بلجيكا وفيتنام والمغرب.
وأحيلت إلى الإمارات قائمة تساؤلات أعدتها سلفاً العديد من الدول، أبرزها إسبانيا، وألمانيا، والبرتغال، وبلجيكا، وسلوفينيا، وليختنشتاين، وبريطانيا، وأيرلندا الشمالية، والولايات المتحدة.
وترأست وفد الإمارات وزيرة تنمية المجتمع شما سهيل المزروعي، للرد على تلك التساؤلات والملاحظات والتوصيات الدولية التي وجهت إليها خلال الاستعراض الدوري الشامل.
استعراض الإنجازات
بدأ وفد الإمارات بالتأكيد على دعم بلاده الثابت لآلية الاستعراض الدوري الشامل، اعترافاً بأهميتها البالغة في تعزيز تبادل المعلومات القيمة والخبرات وأفضل الممارسات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وأحرزت الإمارات تقدماً في تعزيز حقوق الإنسان بضمان حياة كريمة في بيئة آمنة ومستقرة، ووطدت التطورات التي شهدتها مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية ومكافحة التمييز والنهوض بالعدالة والحفاظ على الحرية الثقافية والفكرية.
وقال الوفد إنه قد تيسر تحقيق هذه الإنجازات بفضل التطور التشريعي والهيكل القضائي والنمو المؤسسي، وركزت الجهود الحديثة العهد على تعزيز السلام والتسامح والتعايش والحوار تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة.
وركزت الإمارات على تعزيز العمل الدولي الثنائي والجماعي لمكافحة الاستقطاب السياسي على الصعيد الدولي، من خلال الحوار والتنمية.
وتولي الدولة شواغله الأولوية، وتسعى إلى ضمان مستويات معيشية كريمة ومزدهرة وكفالة حقوق المواطنين بموجب الدستور، وتضم الإمارات أكثر من 200 جنسية تعيش فيها وتسهم في تنميتها الاقتصادية.
وحققت الإمارات إنجازات كبيرة منذ الاستعراض الأخير، بما في ذلك تمتين الترسانة التشريعية بأكثر من 68 قانوناً بين عامي 2019 و2022، في مجالات تشمل المساواة في الأجور بين الرجل والمرأة، والحماية من العنف الأسري، والإعسار، وحماية الشهود ومن في حكمهم، والصحة العامة، والإجراءات المدنية، والأحداث الجانحين والقصر المعرضين لخطر الجنوح، والأطفال مجهولي النسب، والإجراءات الجزائية، والعمل المنزلي، وقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فضلاً عن تشريع رئيسي لمكافحة التمييز والكراهية.
وتجري الإمارات مراجعة قوانين، لا سيما قانون المطبوعات والنشر وقانون مكافحة الاتجار بالبشر وقانون حماية أصحاب الهمم (الأشخاص ذوي الإعاقة)، وفقاً للالتزامات الدولية للإمارات في مجال حقوق الإنسان.
وعززت الدولة إطارها المؤسسي الوطني لحقوق الإنسان بطرق منها اعتماد قانون يضمن الاستقلال المالي والإداري للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، واعتمدت أيضا خططا وسياسات وطنية لزيادة حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (خطة العمل الوطنية بشأن المرأة والسلام والأمن، والسياسة الوطنية للإماراتيين كبار السن، واستراتيجية مجلس التوازن بين الجنسين لعام 2020، والسياسة الوطنية للتحصينات، والسياسة الوطنية للأسرة، والاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، واستراتيجية إشراك الشباب).
وتعكف الإمارات حالياً على تحديث استراتيجية تمكين المرأة وريادتها والخطة الوطنية لحقوق الإنسان، وتعمل على التحضير لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ما سيتيح زيادة الجهود من أجل العمل المناخي العالمي.
وشهد عام 2019 عقد اجتماع تاريخي بين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، في أبوظبي، حيث وقعا وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك (إعلان أبوظبي) التي قادت إلى افتتاح بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي الذي يضم مسجدا وكنيسة وكنيساً، وقد مكنت الوثيقة من اتخاذ الجمعية العامة قرار إعلان 4 فبراير يوما عالميا للأخوة الإنسانية.
وأثناء انتشار فيروس كورونا، أتاحت الإمارات 25 مليون لقاح مجاناً لسكانها، فتجاوزت نسبة التطعيم فيها 95 بالمئة، وقدمت أكثر من 3 آلاف طن من المعونة الطبية إلى أكثر من 142 دولة بالعالم.
وفي عام 2022، كانت الإمارات من بين أفضل البلدان في العالم في ما يتعلق بالرعاية الصحية، بناء على 14 مؤشرا صحيا، وتبوأت في عام 2021 المرتبة الأولى بين البلدان العربية، بناء على ستة مؤشرات إضافية.
وعملت الإمارات على بناء المدارس وتطوير منظومة التعليم، مع التركيز بوجه خاص على التعليم الجيد والتعلم مدى الحياة، وهي أيضاً من أوائل البلدان التي تدعم الجهود الدولية لضمان التعليم للأشخاص الذين يعيشون في ظروف إنسانية صعبة.
وفي عام 2021، تعهدت الإمارات بتقديم 100 مليون دولار للشراكة العالمية من أجل التعليم لدعم الخطة الاستراتيجية للبرامج التعليمية في البلدان النامية للفترة 2021- 2025.
وتشغل النساء مناصب وزارية، ويشكلن نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، كما توجد آلاف الشركات المملوكة للنساء، ويبلغ عدد سيدات الأعمال نحو 32 ألفا يدرن مشاريع تزيد قيمتها على 10 مليارات دولار.
وتوجد النساء في الإمارات في طليعة برامج الفضاء، حيث يشكلن 80 بالمئة من الفريق العلمي الخاص بـ"مسبار الأمل"، وتؤدي استقلالية المرأة أيضاً دورا كبيراً، حيث احتلت الدولة المرتبة الأولى في 30 مؤشراً عالمياً للقدرة التنافسية المتعلقة بالمرأة في عامي 2022 و2023.
وتضع الإمارات حماية الطفل ورعايته على رأس أولوياتها، فقد سنت قانوناً لحماية الطفل وضمان صون حقوقه واحترام خصوصيته، كما أنشأت الإمارات وحدات لحماية الطفل في عدد من الوزارات والإدارات، ووفرت خطوط اتصال مباشر للإبلاغ عن حالات إيذاء الأطفال وتعنيفهم.
وفي عام 2019، اعتمدت الإمارات قانوناً وسياسة بشأن الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة مصممة خصيصا لتعزيز استقلاليتهم وتمتعهم بنظام للدعم والحماية الشاملين يكفل حصولهم على الخدمات الاجتماعية واستفادتهم من بيئة مواتية.
وتواصل الإمارات مكافحة الاتجار بالبشر، بما يشمل الجهود التي تبذلها اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، من خلال استراتيجية وطنية تقوم على خمس ركائز: الوقاية والمقاضاة والعقاب وحماية الضحايا وزيادة التعاون الثنائي.
وحرصت الإمارات على تحسين التعاون مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وتزويدها بالدعم اللازم للاضطلاع بولاياتها، وقد قدمت تبرعات سنوية لدعم صناديق الأمم المتحدة، بما في ذلك صندوق التبرعات الخاص بالمساعدة المالية والتقنية في تنفيذ الاستعراض الدوري الشامل وصندوق مكافحة الفساد.
بيانات وتوصيات
وأثناء جلسة التحاور وردود الدولة موضوع الاستعراض، أدلى 117 وفدا ببيانات وتوصيات في تقرير دولة الإمارات العربية المتحدة.
وذكر وفد الإمارات أن بلاده ملتزمة تجاه النساء والأطفال والشباب، وتركز على الطفولة المبكرة وإدماج الأطفال ذوي الإعاقة، من خلال مجلس استشاري وبرلمان للأطفال، وقد شنت قوانين في عامي 2016 و2019 لحماية الأطفال، من العنف الأسري، وحسنت آليات الإبلاغ بإنشاء قنوات مختلفة للإبلاغ عن العنف ضد الأطفال.
وتقتصر عقوبة الإعدام على الجرائم الخطيرة ولا يمكن إصدارها إلا بعد محاكمة عادلة وصدور حكم نهائي بإجماع القضاة، وقد نفذت الإمارات عمليات الحماية، مثل اشتراط تصديق الرئيس على عقوبة الإعدام والنص على إمكانية العفو أو تخفيف العقوبة.
ودعت ألبانيا وإستونيا وكوت ديفوار إلى النظر في التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام وعلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وأشارت غامبيا وتشاد وألمانيا إلى النظر في التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم وعلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وطالبت الدنمارك وأفغانستان والجبل الأسود السلطات الإماراتية بالتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم واتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمال المنزليين، والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وحثت لاتفيا على أهمية التصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ومواءمة تشريعاتها الوطنية مع جميع الالتزامات الواردة فيه مواءمة تامة، فيما دعت النيجر إلى التصديق على الاتفاقية بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية، والاتفاقية المتعلقة بخفض حالات انعدام الجنسية، وطالبت السنغال بالنظر في الانضمام إلى اتفاقية اليونسكو بشأن مكافحة التمييز في مجال التعليم.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.